الثلاثاء، 12 مايو 2009

الشيخ المطعني كما عرفته بقلم د. جمال عبد الستار

هذه بعض ملامح ومرتكزات النجاح لأي داعية
اذكرها مطبقة على احد العلماء الذين لم يأخذوا حقهم ، وجهل كثير من الناس مقامهم ، وهو فضيلة الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله (1350-1429هـ/ 1931- 2008م)
همة عالية وصبر جميل :
كان رحمه الله قد أصيب بمرض تسبب في قطع إحدى ساقيه فما كان يمنعه ذلك من السعي والبذل فكان يلقي المحاضرات و يرد على الشبهات ويكتب المقالات ويلتقي بطلابه ، وهو في كل ذلك لا يشتكي مرضه لأحد
فلم اسمع منه يوما لفظة تدل على حزن أو توجع لما أصابه
ثم أصيب بعد ذلك بمرض ذهب بسمعه فكان يتواصل معنا بالكتابة فتُكتب له الأسئلة وهو يجاوب على أحسن ما يكون
وكنت في طريقي إلى زيارته بعد أن أصابه المرض أقول في نفسي كيف سيكون حال الشيخ ، وقد ابتلاه الله بقطع قدمه وضعف سمعه ، وكنت مشفقا عليه حزينا لما أصابه فلما التقيته وجدت الوجه الباش والهمة العالية والذاكرة المتميزة والسؤال على تلاميذه ، والقضايا العلمية والاجتماعية مما شغلنا عن الحديث عن مرضه وإصابته
بل ورايته قدم برنامجا لقناة الحافظ الفضائية في الرد على الشبهات فكان مقدم البرنامج يكتب السؤال ويضعه أمام الشيخ ثم يعرض السؤال على المشاهدين فإذا جاء وقت الإجابة غمز الشيخ فينطلق الشيخ مجيبا على الشبهات بأحسن جواب وأقوى عبارة0
الشجاعة والثبات
كانت الشجاعة والثبات سمتا لا يفارق الشيخ أبدا ، فلم يمنعه من الصدع بالحق سلطان ولا مال ، وقد حكى لي رحمه الله انه لما كان معارا إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، وكان يقول بالمجاز في القران الكريم وهو ما كان مرفوضا رفضا قاطعا وقتها بل كان يُطعن في عقيدة من يقول به ، ولكن الشيخ أعلن رأيه وصدع به ولم يأبه بمن كانوا يخوفونه بإنهاء تعاقده وإلغاء إعارته ، بل ودعى رئيس الجامعة وقتها إلى مناظرة علنية في قاعة الجامعة ، وتم للشيخ ما أراد وألقى بحثه وسطع نجمه واسكت بعلمه وأدبه من حوله ونال مزيد الاحترام والتوقير من المخالفين والموافقين
كما رأيته يرد على أي فتوى لا يرى صحتها أيا كان صاحبها
ومن ذلك رده على فتوى لمفتي الجمهورية وتعقيب عليها من شيخ الأزهر بمقال نشر وقتها بعنوان أخطأ المفتي وما أصاب شيخ الازهر0
وكذلك اتخذ موقفا واضحا وشديدا من فتوى إباحة فوائد البنوك ، فلم يكن يخشى أحدا إلا الله
التواضع والزهد
اذا ذكر التواضع ذكر الشيخ رحمه الله ، حيث ترى الزهد والتواضع بمجرد رؤيتك له رحمه الله ، يدلك على ذلك هيئته ومسكنه وتعامله مع عامة الناس وتواضعه مع تلاميذه وعامة الناس إلى درجة اني كنت احزن من جهل العامة حوله بقدره لشدة تواضعه معهم
وكان تواضعه مع تلاميذه نموذجا فريدا لم أره في احد مثله
حيث كنا نجلس معه فيستمع الينا وكأنه تلميذ يطلب العلم !! بل كان يطلب أن نزوره ومعنا أبحاثنا ليطلع عليها أو بحسب تعبيره ليستفيد منها !!
وقد دعوته يوما إلى ندوة ليحاضر في مسجد الرحمن بالعباسية في إحدى المناسبات وقد تأخر من احضر الشيخ خمس دقائق أخذت أتحدث فيها لجمهور المسجد حتى يصل الشيخ ،وقد رايته وأنا أتحدث يدخل من باب المسجد فظننت انه سيأتي إلى مكان المحاضر ليلقي محاضرته وقد احتشد الناس لسماعه ولكني فوجئت به يتوارى خلف احد أعمدة المسجد حتى يترك لي المجال للحديث ظنا منه انى لم أره ، فلما رأيت ذلك قدمته للناس وطلبت منه الحضور إلى مكان المحاضر فجاء غير راغب في الحديث ليترك لي المجال !!فلما ألححت عليه بد أ حديثه بمقدمة طويلة يعتذر لهم لما تسبب فيه حسب تعبيره 00من حرمانهم من الاستفادة مني !!!
كل هذا وهو من هو رحمه الله 0
التفاعل مع المجتمع
لم يكن الشيخ رحمه الله منعزلا عن الناس منطويا عل نفسه بل على عكس ذلك تماما فقد كان يجلس مع البسطاء والعامة في الحي الذي يقطن فيه في مجالسهم يتناقش في مشاكلهم مهما كانت صغيرة ، بل كان يحدد جلسة شهرية في دار للمناسبات أقامها جلسة اجتماعية شهرية يتواصلون فيها ويتناقشون في حل مشاكلهم وكذلك يحتفل معهم بمناسباتهم السعيدة ويشاركهم فيها أحزانهم وآلامهم وظل على ذلك حتى توفاه الله تعالى
الغيرة على الإسلام
كان رحمه الله تعالى مؤسسة إعلامية وحده حيث كان يتابع كل ما يكتب عن الإسلام ويرصد المخالفات ويصوبها ويحصي الشبهات ويفندها وقد سألته يوما وأنا في العام الخامس من إعارتي إلى جامعة الملك خالد بالسعودية هل ترى يا شيخنا أن اترك الإعارة واكتفي بهذا القدر وأعود إلى مصر ؟ فكانت إجابته بالمعنى التالي :
إن الهجمة على الإسلام في هذه الأيام ازدادت ضراوتها واشتدت شراستها ونحن في أحوج ما يكون إلى دعاة صادقين ( على حسب ظنه ) يساعدون إخوانهم ويدافعون عن دينهم ، وان هذا هو ميدان المعركة الحقيقي الذي لا ينبغي أن نفر منه إلى غيره
ورأيت من آثار غيرته على الإسلام اهتماما بالغا بالطلاب الوافدين إلى الأزهر يستمع إلى مشاكلهم ويحدد لهم جلسات علمية خاصة ويساعدهم في حل مشاكلهم
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته

هناك 3 تعليقات:

  1. ما شاء الله، بارك الله فيكم يا د. جمال ونفع بعلمكم

    ردحذف
  2. جئت مهنئا على المدونة وأتمنى لكم التقدم دائماً واعذرنى لم أستطع قراءة المقال كاملاً نظراً لإستعجالى..ووفككم الله أستاذنا الكريم.

    ردحذف